عدد الرسائل : 307 الجنسية : في أرض الله العمل : طالبة علم الهوايات : ذكر الله نشاط العضوة : ... : ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين تاريخ التسجيل : 03/11/2007
موضوع: حكم الشرب بكلتا اليدين السبت فبراير 02, 2008 5:36 am
سؤال: ما حكم الشرب باليدين معا؟؟
الجواب:
أولاً: جاء الأمر صريحاً بالشرب باليد اليمنى ، والنهي عن الشرب باليد اليسرى . فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ) . رواه مسلم ( 2020 ) . وعَنْ جَابِر بنِ عَبْدِ الله رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ ) . رواه مسلم ( 2019 ) . قال ابن عبد البر رحمه الله : وفي حديث جابر النهي عن الأكل بالشمال والشرب بها ، ومعلوم أن الأمر بالشيء نهي عن ضده ، وهذا تأكيد منه صلى الله عليه وسلم في النهي عن الأكل بالشمال والشرب بها ، فمن أكل بشماله أو شرب بشماله ، وهو عالم بالنهي ، ولا عذر له ، ولا علة تمنعه : فقد عصى الله ورسوله ، ومن عصى الله ورسوله : فقد غوى . " الاستذكار " ( 8 / 341 ، 342 ) . ثانياً: الشرب بكلتا اليدين لا هو شرب باليمين وحدها فيكون موافقاً للشرع ، ولا هو شرب بالشمال وحدها فيكون مخالفاً للشرع ، وهل هو جائز ؟ وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله ؟ . الذي يظهر لنا أنه جائز إن احتاج المسلم إلى أن يشرب بكلتا يديه ، وقد ثبتت أحاديث في السنَّة النبوية ليس فيها التصريح بالشرب بكلتا اليدين ، لكن يظهر لنا أنه لم يكن الأمر إلا كذلك ، وذلك من مثل ما ثبت أنه شرب من " إناء " ، ومن " قِربة " ، ومن " دلو " ؛ إذ الغالب في هذه أنه تُستعمل كلتا اليدين في حملها من أجل الشرب . 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه إناء لبن وأمره أن يسقي أهل الصفة ، قال أبو هريرة : (فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُنَاوِلُهُ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ فَأُنَاوِلُهُ الْآخَرَ حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ رَوَى الْقَوْمُ كُلُّهُمْ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ : أَبَا هُرَيْرَةَ ، اشْرَبْ ، فَشَرِبْتُ ، ثُمَّ قَالَ : اشْرَبْ ، فَلَمْ أَزَلْ أَشْرَبُ وَيَقُولُ : اشْرَبْ حَتَّى قُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى ثُمَّ شَرِبَ) . رواه الترمذي ( 2477 ) وصححه ، وصححه الألباني . فقوله ( فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ ) : يدل على أن الإناء كان كبيراً فاحتاج لكلتا اليدين لأن يوضع فيهما ، ويُفهم منه : جواز استعمالهما للشرب منه . 2. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ مِنْ دَلْوٍ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ . رواه البخاري ( 1556 ) ومسلم ( 2027 ) . ويقال فيه ما قيل في الإناء ، وإذا كان في الآنية ما هو صغير ويحمل بيد واحدة : فإنه لا يقال ذلك – غالباً – في " الدلو " ، فالذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم حمل الدلو بكلتا يديه ، وشرب منه . 3. عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عُمَر عَنْ جَدَّته كَبْشَة قَالَتْ : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْت قِرْبَة مُعَلَّقَة فَشَرِبَ قَائِمًا فَقُمْت إِلَى فِيهَا فَقَطَعْته) . رواه الترمذي ( 1892 ) وصححه ، وابن ماجه ( 3423 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " . 4- وقد جاء في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم همَّ أن يشرب بيديه ، وهو تفسير " الكِراع " الذي جاء في الحديث عند بعض العلماء . فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ ، وَإِلَّا كَرَعْنَا ، قَالَ : وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ ، قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي مَاءٌ بَائِتٌ فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ ، قَالَ : فَانْطَلَقَ بِهِمَا ، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ ، قَالَ : فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ . رواه البخاري ( 5290 ) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "قوله ( وإلا كرعنا ) فيه حذف تقديره : فاسقِنا وإن لم يكن عندك كرعنا ، ووقع في رواية ابن ماجه التصريح بطلب السقي ، والكرع : تناول الماء بالفم من غير إناء ، ولا كف ، وقال ابن التين : حكى أبو عبد الملك أنه الشرب باليدين معا ، قال : وأهل اللغة على خلافه ، قلت : ويرده ما أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر قال : مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكرعوا ، ولكن اغسلوا أيديكم ثم اشربوا بها ) الحديث ، ولكن في سنده ضعف ، فإن كان محفوظاً : فالنهي فيه للتنزيه ، والفعل لبيان الجواز ، أو قصة جابر قبل النهي ، أو النهي في غير حال الضرورة . " فتح الباري " ( 10 / 77 ) . وقال الشيخ ابن باز - في شرحه لحديث جابر - : شوب اللبن بالماء لا بأس به ، وفيه إعطاء من على يمينك وإن كان مفضولاً ، إلا أن يسمح من على يمينك فتناوله يسارك ، وفيه جواز الكرع إذا دعت الحاجة إليه ، وهو الشرب بالفم ، وإن تيسر بالإناء ، أو بالكفين فهو أولى حتى لا يشابه البهائم . " الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري " ( 4 / 143 ) . ثالثاً: قد جاء في كلام العلماء ما يدل على جواز الشرب بكلتا اليدين ، ومن ذلك : 1. قال النووي رحمه الله : قال أصحابنا : لو شرب بكفيه وفي أصبعه خاتم فضة : لم يكره . " المجموع " ( 1 / 316 ) . 2. وفي سياق تفسير قوله تعالى : ( إِلاَّ مَن اغْتَرَفَ غُرْفةً بِيَدِه ) قال القرطبي رحمه الله : وقال بعض المفسرين : الغَرْفة بالكفِّ الواحد والغُرْفة بالكفَّيْن . وقال بعضهم : كلاهما لغتان بمعنى واحد . وقال عليّ رضي الله عنه : الأكُفّ أنْظَفُ الآنية . ومن أراد الحلال الصرف في هذه الأزمان ، دون شبهة ولا امتراء ولا ارتياب : فليشرب بكفيه الماء من العيون والأنهار المسخرة بالجريان آناء الليل وآناء النهار. " تفسير القرطبي " ( 3 / 253 ، 254 ) . والخلاصة : جواز الشرب بكلتا اليدين ، ولا يدخل هذا الفعل في النهي عن الشرب بالشمال ، والشيطان إنما يشرب بشماله لا بكلتا يديه ، وقد يتعين الشرب باليدين ولا بد في حالات : كأن يكون الإناء كبيراً ، أو يكون الشرب من فخارة ، أو من دلو ، أو مع ضعف اليد اليمنى ، وما يشبه ذلك من حالات .